من جدَّ وجد ومن زرع حصد ومن زرع المعروف حصد الشكر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ثقافة عامة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإشكالية الثانية // المشكلة الثالثة // الشغل والاقتصاد

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
sophos




المساهمات : 7
تاريخ التسجيل : 31/10/2008

الإشكالية الثانية // المشكلة الثالثة // الشغل والاقتصاد Empty
مُساهمةموضوع: الإشكالية الثانية // المشكلة الثالثة // الشغل والاقتصاد   الإشكالية الثانية // المشكلة الثالثة // الشغل والاقتصاد Emptyالجمعة يناير 16, 2009 12:51 pm

ـ مدخل (من الدلالات إلى الإشكالية)
غالبا ما يفيد الشغل في التمثل الشائع العمل العضلي والجهد الجسدي الذي بموجبه يحول الإنسان الطبيعة. وهكذا يرتبط مفهوم الشغل في التمثل الشائع بالعمل اليدوي، ويقصي العمل الفكري كفاعلية يمكن اعتبارها شغلا. وفي التمثل المعجمي العربي، فإن الشغل يفيد ـ إضافة إلى العمل اليدوي ـ شغل حيز مكاني، فيكون بهذا ضد الفراغ ؛ حيث نقول مثلا : "هذه الطاولة تشغل هذا المكان". ويفيد الشغل ـ كذلك ـ العمل الفكري خصوصا حينما يصبح الفرد مهووسا بفكرة معينة، فيقال مثلا : "هذه الفكرة تشغل ذهن هذا الشخص". بل إن كلمة صناعة في اللغة العربية تنتقل من مستوى الحرفة لتشمل العمل الفكري، فيقال مثلا : صناعة الأدب، صناعة الحكمة ...الخ.
وفي التمثل المعجمي الفرنسي، فإن الشغل le travail يفيد كلا من العمل الفكري واليدوي. وإذا انتقلنا إلى مجال الفلسفة، فإن الآراء المتداولة حول ظاهرة الشغل تنقسم إجمالا إلى : فلسفات رافضة للشغل باعتباره إقصاء لماهية الإنسان، وفلسفات تعتبر الشغل أساس كل قيمة إنسانية، وأخيرا فلسفات تنتقد الشغل دون أن تقصيه من الظواهر الإنسانية. انطلاقا من هذا تتولد التساؤلات التالية : ما هي طبيعة العلاقة بين الشغل وماهية الإنسان ؟ هل الشغل فاعلية تعمل على تحرير الإنسان وتحقيق ذاته ؟ أم أنه يعمل ـ على العكس ـ على استعباد الإنسان واستلابه؟

2 ـ الشغل وماهية الإنسان
إن الشغل ظاهرة مرتبطة منذ القديم بتحقيق الحاجات الضرورية في حياة الإنسان. ولكن المجتمعات القديمة كانت تميز بين عمل وآخر ؛ فاليونان ـ مثلا ـ كانوا يستهجنون العمل اليدوي.. هكذا كان أفلاطون وأرسطوينظران إلى الشغل ويربطانه بالعمل اليدوي، ومن ثمة فهو عمل لا يصلح إلا للرعاع والعبيد. إن العمل اليدوي، في نظر فلاسفة اليونان، يتنافى مع ماهية الإنسان، لأن الإنسان "حيوان عاقل"، ومن ثمة تكون الخصوصية الأساسية للإنسان هي التفكير. هكذا يكون العبد مجردا من خصوصياته الإنسانية، فأصبح ـ كما يرى أرسطو ـ مجرد آلة، لأنه يعوض الآلة التي يحتاج إليها الإنسان.
يمكن القول بأن هذه النظرة القديمة كانت ترجع إلى غياب فلسفات حقيقية في ظاهرة الشغل، وذلك إلى أن ظهرت الثورة الصناعية التي أبانت عن قيمة العمل والتصنيع. لذا نجد آدم سميث A. Smith يؤكد أن الشغل هو أساس كل قيمة تبادلية، فقد تبين بعد تقسيم الشغل، أن الفرد أصبح في حاجة إلى غيره لينتج له ما لا يستطيع هو إنتاجه. كما أن قيمة المنتوج تزداد بكمية المجهود المبذول لإنتاجه. فالشغل إذن مثل العملة، فهو الثمن الذي يدفعه الإنسان ليقتني الأشياء أو ليعطيها قيمة.
أما الأطروحة الماركسية، فإنها تنظر إلى الشغل من وجهين : فالشغل هو مجهود جسمي وقوة فزيائية يسخر بهما الإنسان الطبيعة لنفسه، حيث يقول ماركس : "إن العمل الحي يأخذ الأشياء ويبعثها من بين الأموات" ؛ كما أن الشغل فاعلية (أو نشاط) مرتبطة بماهية الإنسان، فبواسطته ينمي الإنسان مواهبه وملكاته وقدراته.
وانطلاقا من هذا يمكن طرح السؤال التالي : هل يمكن اعتبار إنجازات بعض الحيوانات شغلا ؟ إذا تأملنا ما تقوم به بعض الكائنات الحية، يبدو كأنها تشتغل، وقد نجدها تضاهي في مهاراتها أمهر الصناع الآدميين، ومع ذلك يرى ماركس أنه لا يمكن اعتبار إنجازاتها شغلا، لأن الفعل الذي يصدر عنها مجرد سلوك آلي غريزي ونمطي. فالشغل ـ إذن ـ ظاهرة إنسانية لارتباطه بالوعي. بمعنى أن الشغل معاناة فكرية، هو تصميم وتخطيط وتدبير، هو إبداع وخلق وابتكار، هو سلوك غائي يبحث عن الأفضل، هو شعور بالمتعة وتحقيق للذات. فهو ليس نشاطا معزولا، وإنما هو ـ كما قال ماركس ـ مسار تتفاعل فيه ثلاثة مكونات : الشغل ذاته كفعل للإنتاج، والمادة التي هي موضوع التحويل، والأداة التي بواسطتها يحدث فعل الإنتاج... وكنتيجة لهذا، يرى الماركسيون أن الشغل خاصية إنسانية بامتياز. وهذا ما يدعونا إلى طرح التساؤلات التالية : هل استقر الشغل على هذا الوضع ؟ هل عمل الشغل ـ عبر التاريخ ـ على تطوير ماهية الإنسان وتحريره من كل تبعية واستغلال؟

3 ـ الشغل : استلاب أم تحرر؟
ترى الماركسية أن الشغل تحول (مع ظهور المجتمعات الصناعية) إلى ظاهرة تعمل على استلاب الإنسان بدل أن تحرره، حيث يؤكد انجلز Engels أن الشغل أصبح عملا إجباريا يعمل على إذلال الإنسان وإفقاده كرامته. وكان ذلك نتيجة لتقسيم العمل، حيث أصبح الفرد يشتغل مقابل شيء تافه (الأجرة) لا تربطه به أية علاقة إنسانية. بل إن تبسيط الشغل أدى إلى اختزاله في حركة تافهة يكررها العامل دون توقف ؛ فتحول الشغل إلى عمل رتيب ومخبل، يعمل على تشييء الإنسان والانحدار به إلى مصاف الحيوان. وهذا الإحساس بالاستلاب يظهر ـ كما يقول ماركس ـ من خلال نفور العامل من الشغل حيث يحس داخله بالشقاء والتذمر، وانهيار نفسي وإرهاق يمنعه من تطوير طاقاته وتحقيق ذاته. وتكون النتيجة الحتمية لهذا وضع عكسي : بدل أن يحس الإنسان بكينونته داخل الشغل، أصبح يبحث عن ذاته في أوقات الفراغ في أعمال تعتبر مجرد وظائف حيوانية كالأكل، والنوم، والإنجاب. إن الاستلاب في نظر الماركسية ليس إلا نتيجة حتمية للاستغلال الناجم بدوره عن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.
ويقف نيتشه موقف المستغرب من أمثال هذه التحاليل لأنه يرى أن الاستغلال أمر طبيعي، لأن إرادة القوة كانت دائما هي المتحكمة في أعناق الناس. فالإنسان بطبعه يعمل على هيمنة "أخلاق القوة" (أخلاق السادة) ومن الطوباوية أن نفكر في مجتمع ينعدم فيه الاستلاب لأن المجتمعات لا يمكن أن تنسلخ عن أشكال الاستغلال. إن المساواة وأفكار التحرر لا تكون إلا بين الأقوياء الأنداد. وتجدر الإشارة إلى أن نيتشه يرفض العمل اليدوي لأنه يعتبر شيئا يتنافى مع القيم الأرستقراطية التي تعبر عن عدم الحاجة إلى العمل، وضرورة الانصراف إلى العمل الفكري، والمطالعة، وكتابة الرسائل الطويلة، وهذا كله من شيم السادة الأقوياء. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار هو : ألا يمكن للإنسان أن يتحرر من خلال الشغل وبواسطته ومهما كانت طبيعة العمل الذي يمارسه ؟
يرى سارتر أن تقسيم الشغل على الطريقة التايلورية أدى إلى استلاب الإنسان. فمن المعروف أن النزعة التايلورية ترى أن المردودية في الاقتصاد لا تقوم إلا على الزيادة في الإنتاجية بأقل من الجهد والتكاليف، وفي أسرع وقت ممكن. ومن ثمة يكون العمل المتسلسل القائم على نظام الآلية النموذج المثالي لتحقيق الأهداف الاقتصادية، لكن هذا ـ في اعتقاد سارترـ لا يمنع العامل من التحرر من أشكال الاستلاب من خلال جدلية العبد والسيد، التي أبان هيغل - من خلالها - كيف أن العبد يستطيع أن يحقق ذاته بواسطة الشغل ويجبر السيد بالتالي على الاعتراف به. فلما أصبح العبد وسيطا بين السيد والطبيعة مكنه ذلك من السيطرة على الطبيعة ومن تبعية السيد له، وهذا إدراك أولي لصورة الحرية. وإذا كيفنا هذا التمثل مع نموذج العمل المتسلسل يتضح أن جدلية العبد والسيد لا يمكنها أن تتحقق إلا إذا تصور العامل الحركة البسيطة التي يقوم بها في بعدها الوظيفي، أي في تكاملها مع الحركات التي يقوم بها العمال الآخرون ؛ الأمر الذي يدفع بهم إلى أن يتمثلوا أنفسهم كما لو كانوا ذاتا واحدة، ومن ثمة يدرك العامل أنه لا يمكنه أن يحقق ذاته بمعزل عن الآخرين. وعلى العامل في ذات الوقت أن يتمثل فرديته كذات يجب بناؤها من الداخل من خلال عملية التكوين المستمر التي ستمكنه من مواكبة تطورات نظام الآلية. إلا أن السؤال المطروح هنا هو : هل يمكن أن يتطور نظام الآلية دون أن يكون على حساب كينونة الإنسان ؟
يرى جورج فريدمان G. Friedmann أن نظام الآلية يحتوي على سلبيات، أهمها، أنه يعرض العامل إلى استلاب ذهني وإلى تدهور نفسي، بل واستلاب اقتصادي من جراء البطالة التي تكون عادة نتيجة حتمية لتعميم الآلية وتطورها. كما أن بعض المصالح الفردية قد تؤدي إلى تعميق القطيعة بين العمال ورؤسائهم مما يسبب تدهور العلاقات الاجتماعية. إلا أن فريدمان يرى أنه يجب التخلص من تلك النظرة الاختزالية والسطحية لنظام الآلية والتي تلخص هذا النظام في السلبيات فقط. إن إيجابيات الآلية تفوق بكثير سلبياتها. فمن الطوباوية الاعتقاد أن العامل يمكن أن يستفيد بشكل مباشر مما ينتجه كما كان الأمر معمولا به في القرون الوسطى. ومن الطوباوية كذلك أن يتحقق الإنتاج دون التضحية نسبيا بحرية العامل. إلا أنه من الممكن دائما أن يبحث العامل عن تحقيق ذاته ويحققها خارج المصنع، في أوقات الفراغ. فيكفي التأكيد على أن نظام الآلية أراح العامل من الاستعباد الجسدي الذي كان يعاني منه من جراء الأعمال الشاقة والمضنية. كما مكن رجال الأعمال من الربح لما يمثله نظام الآلية من اقتصاد في التكاليف. إضافة إلى أن نظام الآلية لا يهدد كرامة الإنسان باعتباره مستهلكا، حيث يستطيع كل فرد أن يستجيب لحاجاته الضرورية وينميها نظرا لما سيجده أمامه من وفرة.
كتخريج عام، نقول : إن الشغل ظاهرة استأثرت باهتمام الفلاسفة والسياسيين والسوسيولوجيين، وعلماء الاقتصاد وغيرهم. ففي الوقت الذي يرتبط فيه الشغل عند البعض بالإنتاجية والتقنية، والتصنيع، والتقدم والتخلف ...الخ ؛ يرتبط عند آخرين بالالتزام، وخلق الذات للذات، وخلق الذات للآخر، والرغبة والحرية والاستلاب ...الخ. ومهما تعددت الأطروحات، فإننا لا نستطيع أن نتصور العالم اليوم دون ظاهرة الشغل، أو حياة ليس فيها عمل، إلا إذا كنا طوباويين أو مستغرقين في أحلام اليقظة ؛ وكما قال كارلايل : "إنه من الحماقة أن نلعن الشمس لأنها لا تشعل لنا لفائف التبغ". ومن ثمة، لابد من الاعتقاد بالبعد الفلسفي للشغل باعتباره علاقة ميتافزيقية جديدة بين الذات ونفسها، بين الذات والمجتمع. فإذا كان ديكارت قد قال :"أنا أفكر فأنا إذن موجود" ؛ فإننا يمكن أن نعارضه بهذه الفكرة : "أنا أشتغل إذن أنا موجود" لأن أبشع أشكال الاستلاب هو استلاب اللاشغل (أو استلاب البطالة). فالشغل وحده يستطيع أن يحقق للإنسان إنسانيته ويضمن له كرامته. إننا اليوم نوجد بالقدر الذي نعمل، بل الأصح أن وجودنا متوقف على الشغل، من خلاله نستطيع أن نتفاعل مع ذواتنا ومع الآخرين، وهو الكفيل بأن يقيم التصالح بيننا وبين أنفسنا، بيننا وبين مجتمعنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
yacino-29




المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 26/09/2010

الإشكالية الثانية // المشكلة الثالثة // الشغل والاقتصاد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإشكالية الثانية // المشكلة الثالثة // الشغل والاقتصاد   الإشكالية الثانية // المشكلة الثالثة // الشغل والاقتصاد Emptyالأحد سبتمبر 26, 2010 2:28 pm

مباااااااااارك الافتتاح ان التلميذ يحتاج لهذه المنتديات و انا تلميذ في مزيان عبد المجيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإشكالية الثانية // المشكلة الثالثة // الشغل والاقتصاد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
من جدَّ وجد ومن زرع حصد ومن زرع المعروف حصد الشكر :: منتديات الفلسفة :: آداب وفلسفة-
انتقل الى: